خطوات إلى التغيير للأفضل

في مشاركة لي قبل يومين على منصة X في مناسبة إطلاق تحالف العافية تحدثت عن كيفية إيجاد الحافز للتغيير، وأشارككم بعض ما تطرقنا إليه في سياق الحديث:

كيف نخلق الحافز للتغيير؟

يجب أولاَ أن نعرف ما هو الحافز الحقيقي لنا ونعرف ما هو التغيير الأنسب لنا ونكون واقعيين في تصورنا لقدراتنا وامكانياتنا وظروفنا والعوامل المساعدة. كبشر كل منا فرد مستقل Unique بذاته وله طبيعة ومعتقدات وأفكار مختلفة عن غيره ولذلك لا يمكن التعميم بأن ما يناسب أحدهم قد يناسبنا، تباعاً هناك العديد من المصادر المحتملة لسبب قيامنا بالأشياء التي نقوم بها، وسبب عدم قيامنا بها في بعض الأحيان.، ذلك محتمل أن يتضمن تحسين أي مجال من مجالات حياتنا بعض التجربة والخطأ لأننا أفراد. Its never one size fits all

الشعور “بالكسل” يخبرنا أنه علينا أن نبدأ من مكان آخر غير المكان الذي نتواجد فيه حالياً. نستخدم كلمة “كسول” كمصطلح وصف شخص غير راغب أو يتفادى أداء مهام أو واجبات معينة، لكن ما نفشل في الاعتراف به هو الأسباب الفعلية لعدم الرغبة هذه. نتجاهل الجوانب والأسباب العديدة للسلوك، ونقوم ببساطة بتصنيف الشخص على أنه “كسول”، كما لو كان الكسل جزءا متأصلا من هويته. وما يزيد الأمر سوءا أننا تعلمنا أن نربط العار والذنب بالكسل. مما يجعلنا ننظر بشكل سلبي للشخص الذي نعتقد بأنه “كسولًا” – سواء كان أشخاصًا آخرين أو حتى أنفسنا، وهذا محبط.
• لماذا لا نجلب شيئاً من الفضول إلى ما نعتقد بأنه “الكسل” فينا؟ يجب أن نسأل أنفسنا عن سبب عدم وجود الحافز…إذا أردنا أن نتعمق أكثر، فقد نتعلم أن عدم رغبتنا في أداء مهام أو واجبات معينة قد تعود لأسباب منها:

  • وجود خوف عميق وعدم اليقين في قدراتنا الشخصية متأصل منذ الطفولة
  • التشابك بداخلنا مع وجود قلق متكرر بشأن المستقبل
  • تبني الشعور بأننا لسنا جيدًين بما فيه الكفاية أو أننا أقل من غيرنا في قدراتنا أو أهميتنا
  • نعاني من عدم وضوح القيم الذاتية
  • وجود جدول يومي متطلب ومفرط ومملوء دائمًا إلى أقصى حد
  • جودة ونوعية سيئة من النوم ليلا
  • عدم وجود علاقات وثيقة وداعمة من حولنا
  • اتباع نظام غذائي غني بالسكريات والدهون المشبعة….. كلها تؤثر سلباً على دافعيتنا وطاقتنا للتغيير للأفضل…

لدينا في الموروث “إذا عرف السبب بطل العجب” ولكن كثير منا يٌسقط عليه أفكار ومعتقدات غيره من الوالدين أو الأهل ولا نترك لأنفسنا المساحة لنتعرف عليها بدقة وبالتالي نتمكن من الوصول للوضوح الذاتي حول ما قد يحفزنا للتغيير للأفضل في حياتنا الشخصية.

ماذا عن العبء النفسي الذي يواجهنا عند محاولة التغيير والمعاناة مع الصحة؟

كما ذكرنا، اعتقادنا بأن عدم القدرة على التغيير هو كسل وأننا “كسولين” يعرقل أو يقتل أي حافز قد يكون موجود وميضه بداخلنا، فنتوقف قبل أن حتى نبدأ، لأنه يجردنا من انسانيتنا…فعلاً لا نقدر هذه المسألة ونحمل أنفسنا أحياناً فوق طاقتها ونضع على عاتقتنا الكثير من الشعور بالذنب أو التقصير ونسعى للكمالية وهذا محال. عندما تواجهنا ضغوط في مسار حياتنا – وهذا يحدث لنا جميعاً – وتصادفنا تحديات صحية واجتماعية واقتصادية، نشعر بها وتهزنا وتجعلنا نفقد هذا التوازن.

العبء النفسي عند المرض ينبع من عدة أمور منها الشعور بالقلق وعدم معرفة أو فهم ما قد يحدث لنا من الناحية الصحية والمعاناة مع الألم والشعور كذلك بفقدان القدرة على التحكم والسيطرة على الأمور. من أصعب الأمور وبالتأكيد الكل يتفق هو المعاناة مع الصحة وزوالها ومحاولة استعادتها وتزداد صعوبة الأمر مع تعدد المشاكل الصحية وطبيعتها وشدتها طبعاً. قد تؤدي في بعض الأحيان إلى فقدان الأمل والإحباط والاكتئاب ولذلك مهم أن يتنبه الشخص إلى حالته النفسية ومعرفة أبعادها وتأثيرها على حياته اليومية والحصول على الدعم المناسب له ولاحتياجاته.

من المهم أن نقدر أن جزء من العبء النفسي الذي يواجه المريض أو المستفيد عدم إيجاد الرعاية الصحية المطلوبة سواء من ناحية فرصة الوصول أو الإمكانية المادية أو المعرفية أو حتى الثقة في الممارس وكفاءته والراحة في مناسبة وجودة الرعاية التي يحصل عليها، وهذا جزء من مسؤولية الممارس ودوره في تقديم الخدمة والحرص على بناء العلاقة الجيدة وثقة المريض.

كذلك يجب أن نشير إلى أهمية مراجعة التوقعات في التعامل مع الأمور الصحية لأن نجد الكثير يتوقعون سرعة أو فورية الشفاء ويستصعبون تقبل أن العلاج والشفاء يتطلب يوقت وصبر وأن السعي للوصول للعافية يتطلب جهد ومثابرة.

كيف ننظر للعافية النفسية ونوظفها للوصول لآثار إيجابية على صحتنا؟

يجب أن نعرف العافية النفسية فهي بشكل عام حالة من الاستقرار ومزيج من المشاعر الجيدة والمريحة والقدرة على التصرف في أمور الحياة بشكل مرضي والشعور بأنّ لوجودنا في الحياة معنى وهدفًا وغاية، ويساهم فيها بشكل كبير وجود العلاقات الإيجابية مع الآخرين. وهناك عدة أوجه للعافية أحدها النفسي وهي مكملة لبعضها منها الجانب النفسي، والعاطفي، والروحي، والثقافي، والذهني، والمادي، والاجتماعي، والوظيفي، والبيئي.

العافية النفسية من الأمور الأساسية للصحة والسعادة بشكل عام، وذلك لفوائدها:

  • تساعدنا في التغلب على الصعوبات المختلفة التي تواجهنا في الحياة
  • تساهم في تعزيز قدرتنا على تحقيق أهدافنا في الحياة
  • تعزز صحتنا الجسدية، فقد بينت الأبحاث أن العافية النفسية تقلل من فرصة الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والسكتات الدماغية، ومشاكل النوم
  • تعزز من قدرتنا على الإنتاج في العمل وتحفز لدينا الحس الإبداعي
  • نقل المشاعر الإيجابية والتفاؤل إلى الآخرين
  • تعزز صحة الجهاز المناعي وتقلل من فرصة الإصابة بالأمراض المعدية
  • تعد من طرق الوقاية من الأمراض النفسية والعقلية المختلفة
  • تحافظ على صحة الدماغ وتمنع من فرصة تضرره مع التقدم في العمر
  • التمتع بعلاقات أسرية واجتماعية أفضل بكثير
  • تعزز رغبتنا في الانخراط بالعديد من الأنشطة الاجتماعية المختلفة
  • تُسرع من قدرة جسمنا على التعافي من بعض الأمراض المزمنة كمرض السكري
  • تقلل من فرصة إدمان بعض الأفراد على الأدوية، أو التدخين، أو الكحول
  • تقوي ثقتنا بنفسنا وترفع من مستوى التفاؤل واحترام الذات لدينا

ما هي أفضل الطرق لنجد الاستدامة في عافيتنا النفسية؟؟

يجب أن نبحث في أنفسنا عما يحفزنا للتغيير للأفضل والتعرف على ما يحول بيننا وبين ذلك بحوار صادق مع الذات وبعض التأمل والاستبطان، والتأني أحياناً ومراجعة الأولويات بين فترة وأخرى، خصوصاً عندما نواجه بعض التحديات الصحية، وملاحظة ما يهبط من عزيمتنا والعوامل المرتبطة بذلك…وماهي الأشياء الصغيرة التي يمكن أن نوظفها كمعدات ووسائل لاستعادة توازننا.

كذلك أحياناً قد يستدعي الوضع ونجد الحاجة لطلب المساعدة والدعم من مختص أو مستشار في مجال معين سواء نفسي أو مهني أو غيره يساعدنا في التعرف على بعض نقاط الضعف والقوة في تعاملنا في مواقف حياتنا حتى نعيد النظر في تقييمنا لدافعيتنا ورسم الاستراتيجية أو اختيار التصرف الأنسب بناء عليه.

تجربة شيء جديد أو تغيير ولو بسيط وملاحظة الأثر لفترة وإعادة التقييم بناء عليه واستشعار الفرق في معدلات الصحة والرضا والعافية كذلك يعزز من الدافعية وفرص الاستمرار والاستدامة في السعي. ويمكن الاستفادة من عدد من التطبيقات الرقمية الموجودة الآن لمساعدتنا في تتبع عاداتنا وسلوكياتنا الصحية المختلفة وقياس الأثر للتغييرات التي نطبقها، فيسهل علينا مع الوقت هذه الوقفات ويصبح بإمكاننا التعرف على ما يجب علينا تعديله في مسارنا حتى نتمكن من المحافظة على صحتنا وعافيتنا بإذن الله.

مقالات ذات صلة

استجابات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *