ليس مجرد قائدة، بل نور
أشعر بالامتنان الكبير حيث أنني أكملت أخيرًا متطلبات الشهادة كمستشارة صحة عاطفية في فترة ما حول الولادة. تقود البرنامج المكثف 18 شهرًا أليكس هيث من كلية الصحة العاطفية في فترة ما حول الولادة في إنجلترا وكانت تجربة متعمقة تحدتني للذهاب إلى أبعاد جديدة كممارسة وكإنسانة.
في حين أن الكثير من التركيز العالمي ينصب حاليًا في تنمية المهارات القيادية، فإن ما أشعر به بشدة هو مدى حاجتنا لتطوير مهارات الاستماع والتعاطف لدينا، خاصة عندما يتعلق الأمر بالرعاية الصحية. ربما يكون هناك توجه مختلف هنا، أو طريق أقل ازدحاماً، لكنه مهم جدًا.
من خلال عملي في دعم النساء في فترة ما حول الولادة (أثناء الحمل والولادة وما بعد الولادة)، فإنني أفكر في أسبابنا وقيامنا بما نقوم به. أعتقد أنه من الضروري مساعدة الآخرين، ودعمهم، والتواجد معهم خلال هذه اللحظات، منها الجيدة والسيئة والمزعجة… وجودنا معهم وطمأنتهم بأنه على الرغم من أنهم قد يشعرون في تلك اللحظة بأنها نهاية العالم، أنهم ليسوا وحدهم، أنهم يتم الاعتناء بهم، وأنهم في الحفظ والصون.
إن استخدام مشاعرنا والوصول إلى إنسانيتنا في هذه المساحات أمر ضروري لتقديم كل ما تعنيه عبارة (الرعاية)وجعلها تشعر بالأمان. للتأكد من أنهم سمعوا وفهموا. لتزويدهم بتلك المساحة والدعم والوقت التي يحتاجونها في تلك اللحظة… لعدم استعجالهم بتفضلنا عليهم أو التلاعب بنفسياتهم والإلحاح برغبتنا في الإصلاح، للتغلب على صعوباتهم بسرعة، ولكن لمجرد التوجيه والتشجيع …وترك المساحة لهم للبكاء متى جاء، للاستماع، والمشي معهم، والجلوس معهم أرضاً إن لزم، واحتضانهم، والانتظار معهم، والتنفس، والبقاء بسكون …حتى يجدوا في أنفسهم الاستعداد لمواجهة ما هو التالي … لتسليط هذا الضوء اللطيف لمساعدتهم على التفهم، وإيجاد تركيزهم وطريقهم من خلاله، واتخاذ قراراتهم وخياراتهم لأنفسهم والشعور بالرضا تجاهها، مهما كانت.
إنه شرف وامتياز لنا أن ندعم الزوج والزوجة، في رحلتهم لتعلم ما يعنيه أن يصبحوا آباء وأمهات، في استعدادهم لتكوين أسرة، في خوضهم رحلة الحمل مع تقلباتها، والتحديات والتغييرات، والمخاوف والاهتمامات، والتعامل مع الصدمات والمفاجآت، كبيرة كانت أم صغيرة، والتصالح مع الواقع والطبيعة الكاشفة الحقيقية لما تعنيها لهم، وتجربة الفرح في الترحيب بحياة جديدة في الدنيا… وأحيانًا في حسرة وجوب الوداعات المستحيلة…
المهارات التي اكتسبتها من هذا البرنامج التدريبي لا تقدر بثمن حقًا. من تعلم كيفية استخلاص المعلومات بلطف من قصص وأحداث الفترة المحيطة بالولادات الصعبة أو المؤلمة (من سوء المعاملة إلى الإصابة أو الأضرار)، إلى دعم الشفاء وتشجيع الخبرات الآمنة واللطيفة للوالدين، وتطوير استراتيجيات للتعرف على هذه المشكلات واستخدام تقنيات للتعامل مع القلق أو الاكتئاب أو الصدمة، وفهم التفاعلات ما بينهم وبين مظاهرهم، للتقدير والسماح لعمق وتأثير تجارب تحديات الخصوبة والإجهاض وولادة جنين ميت وفقدان الأطفال، لدمج ممارسات التنويم المغناطيسي واليقظة الذهنية والتأمل لتسهيل العافية، فقد كان كل ذلك منيرًا.
أنا الآن قادرة بشكل أفضل لتدريب الممارسين الآخرين الذين يعملون في مجال رعاية الأمومة ومساحات الولادة (الأطباء والممرضات والقابلات والدولات) ودعمهم في التعامل مع تأثير الصدمات غير المباشرة أو الأزمات الأخلاقية أو إجهاد التعاطف الذي قد يواجهونه كجزء من عملهم اليومي وبناء مهاراتهم في كيفية التأمل الذاتي في دعم مرضاهم وتقديم رعاية أكثر جدوى وتعاطفًا في التعامل مع كل هذه المشكلات الصحية العاطفية المعقدة الي تطرأ في الفترة المحيطة بالولادة وتغلغلها في حياتهم.
لم يعد من الممكن أن يقتصر توفير الرعاية الصحية على علاج النواحي الجسدية فحسب. يتعلق الأمر بتمكين المريض والمراجع ليعيش حياة أفضل وأكثر صحة وأن يصبح لديهم تجارب مُرضِية عند التفاعل مع خدمات الرعاية الصحية. يتعلق الأمر بتقدير موقف ضعفهم واحتياجاتهم الأولية عندما يكونون معنا وليس مجرد تسريعهم أو وضع علامات إنجاز في قوائم المراجعة أو إدخال البيانات من وراء الشاشات. لا يتعلق الأمر فقط بسلامتهم الجسدية وإحصاءاتنا، بل هو أكثر من ذلك بكثير. من المهم أن نلتفت لشعورهم عند مرورهم بهذه التجارب. لذلك أشجع زملائي وزميلاتي الممارسين على الاستماع إلى قلوبهم بعمق أكبر في هذه اللحظات وأن يكونوا النور الذي نحتاجه جميعًا في هذه المساحات.
استجابات